وذهب بعض العلماء: إلى أنه لا يتقدر أقل الحيض ولا أكثره.
أ- لأن الله قال (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) فجعل غاية المنع هي الطهر، ولم يجعل الغاية مضي يوم وليلة ولا خمسة عشر يوماً.
ب- وقال -صلى الله عليه وسلم- لعائشة لما حاضت (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي حتى تطهري) فجعل غاية المنع الطهر، ولم يجعل
الغاية زمناً معيناً، فدل هذا على أن الحكم يتعلق بالحيض وجوداً وعدماً.
قال ابن تيمية: ومن ذلك اسم الحيض علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة، ولم يقدر لأقله ولا لأكثره ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمة بذلك واحتياجهم إليه.
(وغالبه ستٌ أو سبع).
أي: غالب الحيض ست ليال أو سبع.
لحديث حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: (كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَبِيرَةً شَدِيدَةً، فَأَتَيْتُ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَسْتَفْتِيهِ، فَقَالَ: "إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ اَلشَّيْطَانِ، فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ، أَوْ سَبْعَةً، ثُمَّ اِغْتَسِلِي … ). رواه أبو داود
(فَتَحَيَّضِي) قال الشوكاني: بفتح التاء الفوقية والحاء المهملة والياء المشددة: أي اجعلي نفسك حائضاً.
قال الشيخ ابن عثيمين: قوله (ستة أيام أو سبعة) ليس للتخيير، وإنما هو للاجتهاد، فتنظر بما هو أقرب إلى حالها ممن يشابهها خِلْقَةً ويقاربها سناً ورحماً، وبما هو أقرب إلى الحيض من دمها.
(ويمنع الحيض عشرة أشياء: فعل الصلاة ولا يصح منها، والصوم).
أي: يحرم على الحائض فعل الصلاة، فرضها ونفلها، ولو صلت لم يصح منها، وكذلك يحرم عليها الصوم وعليها قضاؤه.
أ- عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: (سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَقَلتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ فَقُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. فَقَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤَمَّرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلا نُؤَمَّرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ) متفق عليه.
(أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَضَمّ الرَّاء الْأُولَى وَهِيَ نِسْبَة إِلَى حَرُورَاء، وَهِيَ قَرْيَة بِقُرْبِ الْكُوفَة قَالَ السَّمْعَانِيّ: هُوَ مَوْضِع عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْكُوفَة، كَانَ أَوَّل اِجْتِمَاع الْخَوَارِج بِهِ. قَالَ الْهَرَوِيُّ: تَعَاقَدُوا فِي هَذِهِ الْقَرْيَة فَنَسَبُوا إِلَيْهَا. فَمَعْنَى قَوْل عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا إِنَّ طَائِفَة مِنْ الْخَوَارِج يُوجِبُونَ عَلَى الْحَائِض قَضَاء الصَّلَاة الْفَائِتَة فِي زَمَن الْحَيْض، وَهُوَ خِلَاف إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَام الَّذِي اِسْتَفْهَمَتْهُ عَائِشَة هُوَ اِسْتِفْهَام إِنْكَار أَيْ هَذِهِ طَرِيقَة الْحَرُورِيَّة، وَبِئْسَ الطَّرِيقَة. (نووي).
ب- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ (خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي أَضْحًى، أَوْ فِطْرٍ - إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ..... مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا) رواه البخاري.