وقد دل على مشروعية تمني الموت في هذه الحال كثير من الأحاديث:
أ- عن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَال (لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ) متفق عليه.
فقد تمنى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يقتل في سبيل الله، وما ذاك إلا لعظم فضل الشهادة.
ب- وعن سهل بْنِ حُنَيْف. أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ). رواه مسلم
وقد كان السلف -رضي الله عنهم- يحبون الموت في سبيل الله.
قال أبو بكر -رضي الله عنه- بشأن مسيلمة الكذاب عندما ادعى النبوة: والله لأقاتلنه بقوم يحبون الموت كما يحب الحياة.
وكتب خالد بن الوليد -رضي الله عنه- إلى أهل فارس: والذي لا إله غيره لأبعثنَّ إليكم قوماً يحبُّون الموت كما تحبُّون أنتم الحياة.
وإنما كانت هذه المنزلة مرغوبة - لا حرمنا الله منها - وطلبها ممدوحاً من كل وجه، لأن من أعطيها لم يحرم أجر العمل الصالح الذي تطيب لأجله الحياة، وتكون خيراً للمرء من الموت، ثم إن الله تعالى يحمي صاحب هذه المنزلة من فتنة القبر.