للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- وعنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَال (اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: الْمَوْتُ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ، وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ) رواه أحمد.

د- وقال تعالى عن مريم (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا).

قال القرطبي: تمنت مريم عليها السلام الموت من جهة الدين لوجهين:

أحدهما: أنها خافت أن يظن بها الشر في دينها وتعير فيفتنها ذلك.

الثاني: لئلا يقع قوم بسببها في البهتان والنسبة إلى الزنى وذلك مهلك. وعلى هذا الحد يكون تمني الموت جائزاً.

وقال ابن كثير: فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتنة، فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل الناس أمرها فيه على السداد، ولا يصدقونها في خبرها، وبعدما كانت عندهم عابدة ناسكة، تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية.

قال ابن رجب: وأما تمني خوف فتنة في الدين، فإنه يجوز بغير خلاف.

وقال في موضع آخر: هو جائز عند أكثر العلماء.

قال عمر (اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط).

وتمنت زينب بنت جحش لما جاءها عطاء عمر فاستكثرته وقالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعدها، فماتت قبل أن يدركها عطاء ثان لعمر.

وسأل عمر بن عبد العزيز من ظن به إجابة الدعاء أن يدعو له بالموت، لما ثقلت عليه الرعية، وخشي العجز عن القيام بحقوقهم.

وطُلب كثير من السلف الصالح إلى بعض الولايات، فدعوا لأنفسهم بالموت فماتوا.

واشتهر بعضهم واطلع على بعض عمل أحدهم أو معاملته مع الله فدعا لنفسه بالموت فمات.

وكان سفيان الثوري يتمنى الموت كثيراً فسئل عن ذلك فقال: ما يدريني لعلي أدخل في بدعة، لعلي أدخل فيما لا يحل لي، لعلي أدخل في فتنة أكون قد مت فسبقت هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>