للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إِلاَّ أَنْ يُجْعَلَ إِلَيْهِ).

أي: أن يأذن له، فيجوز، ولهذا قال (إلا أن يجعل إليه).

مثال: أقول وكلتك أن تبيع سيارتي ولك أن توكل من شئت، أو من تثق به.

قال ابن قدامة: إذا أَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ، فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ، فَكَانَ لَهُ فِعْلُهُ، كَالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ.

وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَيْنِ خِلَافًا.

فائدة:

فإن أطلق الوكالة فلا يخلو من أقسام ثلاثة:

أحدها: أن يكون دنيئاً لا يقوم به مثله.

قال ابن قدامة: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِمَّا يَرْتَفِعُ الْوَكِيلُ عَنْ مِثْلِهِ، كَالْأَعْمَالِ الدَّنِيَّةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ النَّاسِ الْمُرْتَفِعِينَ عَنْ فِعْلِهَا فِي الْعَادَةِ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَعْمَلُهُ الْوَكِيلُ عَادَةً، انْصَرَفَ الْإِذْنُ إلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الِاسْتِنَابَةِ فِيهِ.

[القسم الثاني: إذا كان يعجز عن القيام بمثله عادة.]

قال ابن قدامة: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ، إلَّا أَنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ؛ لِكَثْرَتِهِ وَانْتِشَارِهِ، فَيَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي عَمَلِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيلِ، فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِي فِعْلِ جَمِيعِهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ بِلَفْظِهِ. (المغني).

مثال: وكلت رجلاً أن يصعد بحجر كبير إلى السطح، لأنك تريد أن تبني به السطح، وهو رجل ضعيف لا يقوى على ذلك، فهل له أن يوكل من يحمل الحجر إلى فوق؟ الجواب نعم، لأن مثله يعجز عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>