أي: حينما حلف المدعَى عليه، فإن اليمين تزيل الخصومة ولا تزيل الحق.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- ( … فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ اَلنَّارِ).
وبناء على هذا: لو أن المدعي بعد حلف المدعى عليه وجد بينة، فإن القاضي يحكم بهذه البينة، ولا تكون يمين المدعَى عليه مزيلة للحق.
(ولَا يُسْتَحْلَفُ فِي الْعِبَادَاتِ).
أي: لا يستحلف المنكر في العبادات، لأنه حق لله تعالى.
فلو قيل لشخص: أنت ما صليت، قال: صليت، فلا نحلِّفه، لأن هذا لحق الله، أو قيل لإنسان: أنت صمت؟ قال: نعم، قلنا: ما صمت، قال: بل صمت، فلا نحلِّفه، وفي الزكاة كذلك، قلنا: أديت الزكاة؟ قال: أديتها، فلا نحلفه، وهل نقول: إلى مَنْ أديت؟ الجواب: لا.
[فائدة]
والقاعدة العامة في هذا: أن ما كان من حقوق الآدميين فإنه يحلف فيه، وما كان من حقوق الله فإنه لا يحلف فيه؛ لأن حقوق الآدميين فيها خصم وهو الآدمي، فيحتاج إلى التبرئة إن كان مدعًى عليه وهو ينكر. أو التقوية إن كان مدعي ومعه شاهد فيحتاج إلى التبرئة أو التقوية باليمين، أما إذا كان الحق لغير الآدمي فهذا لا يستحلف فيه ولا نتعرض له؛ لأن هذا الحق بين الإنسان وبين ربه. (الشرح الممتع).
(وَلَا فِي حُدُودِ اللهِ).
أي: لا يشرع الاستحلاف في الحدود للمنكر. (ما يوجب الحد).
أ-لأنه يحب سترها.
ب-ولأنه لو أقر بها ثم رجع عن إقراره؛ قبل منه، وخلي سبيله، فلئلا يستحلف مع عدم الإقرار أولى.
فلو قيل لشخص: أنت زنيت، فقال: ما زنيت، فلا نقول: احلف؛ لأنه لو لم يحلف لم نحُدَّه؛ لأننا لا نحده حتى يقر، ويبقى على إقراره إلى أن يقام عليه الحد.