قال الشيخ ابن عثيمين: هذا فيما إذا كان الرجل لم يتعمد تأخير الزكاة، فإننا نخرجها من تركته، وتجزئ عنه، وتبرأ بها ذمته كرجل يزكي كل سنة، وتم الحول في آخر سنواته في الدنيا ثم مات، فهنا نخرجها وتبرأ بها ذمته.
أما إذا تعمد ترك إخراج الزكاة، ومنعها بخلاً ثم مات: فالمذهب أنها تخرج وتبرأ منها ذمته.
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: إنها لا تبرأ منها ذمته ولو أخرجوها من تركته؛ لأنه مصِرٌّ على عدم الإخراج فكيف ينفعه عمل غيره؟ وقال: إن نصوص الكتاب والسنة وقواعد الشرع تدل على هذا. (وتقدمت المسألة).
فائدة:
لو مات شخص وعليه دين وزكاة فأيهما يقدم؟
مثاله: رجل خلف (١٠٠) ريال، وعليه زكاة (١٠٠) ريال، ودين (١٠٠) ريال فهل يقدم حق الآدمي، أو تقدم الزكاة؟
[في المسألة ثلاثة أقوال]
قال بعض العلماء: يقدم دين الآدمي.
لأنه مبني على المشاحة؛ ولأن الآدمي محتاج إلى دفع حقه إليه في الدنيا، أما حق الله فالله غني عنه، وحقه سبحانه وتعالى مبني على المسامحة.
وقال بعض العلماء: يقدم حق الله.
لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (اقضوا الله فالله أحق بالوفاء).
وقال بعض العلماء: إنهما يتحاصان.
لأن كلاً منهما واجب في ذمة الميت، فيتساويان فإن كان عليه (١٠٠) ديناً و (١٠٠) زكاة، وخلف (١٠٠) فللزكاة (٥٠) وللدين (٥٠).
ويجاب عن الحديث أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يحكم بين دينين أحدهما للآدمي، والثاني لله، وإنما أراد القياس؛ لأنه سأل (أرأيتِ لو كان على أمكِ دين أكنتِ قاضيتَهُ؟) قالت: نعم، قال: «اقضوا الله فالله أحق بالوفاء).
فكأنه قال: إذا كان يقضى دين الآدمي، فدين الله من باب أولى.
وهذا هو المذهب، وهو الراجح. … (ابن عثيمين).