القول السادس: إنهم كانوا ينوحون على الميت ويندبونه بتعديد شمائله ومحاسنه في زعمهم، وتلك الشمائل قبائح في الشرع يعذب بها كما كانوا يقولون: يا مؤيد النسوان، ومؤتم الولدان، ومخرب العمران.
القول السابع: أن الحديث محمول على ما إذا أهمل الميت نهي أهله عن النوح عليه قبل موته، مع أنه يعلم أنهم سينوحون عليه، لأن إهماله لهم تفريط منه، ومخالفة لقوله تعالى (قوا أنفسكم).
[القول الثامن: معناه أنه يعذب بسماعه بكاء أهله ويرق لهم.]
وذهب إلى هذا محمد بن جرير، واختاره ابن تيمية والشيخ ابن عثيمين.
قال الشيخ ابن عثيمين: معناه أن الميت إذا بكى أهله عليه فإنه يعلم بذلك ويتألم، وليس المعنى أن الله يعاقبه بذلك لأن الله تعالى يقول:(وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) والعذاب لا يلزم أن يكون عقوبة ألم تر إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن السفر قطعة من العذاب) والسفر ليس بعقوبة، لكن يتأذى به الإنسان ويتعب، وهكذا الميت إذا بكى أهله عليه فإنه يتألم ويتعب من ذلك، وإن كان هذا ليس بعقوبة من الله عز وجل له، وهذا التفسير للحديث تفسير واضح صريح، ولا يرد عليه إشكال، ولا يحتاج أن يقال: هذا فيمن أوصى بالنياحة، أو فيمن كان عادة أهله النياحة ولم ينههم عند موته، بل نقول: إن الإنسان يعذب بالشيء ولا يتضرر به " انتهى. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (١٧/ ٤٠٨)