(وهو صلاة).
أي: حكمه حكم الصلاة، فتشترط له الطهارة واستقبال القبلة.
وهذا قول جماهير العلماء.
قال ابن قدامة: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلسُّجُودِ مَا يُشْتَرَطُ لِصَلَاةِ النَّافِلَةِ؛ مِنْ الطَّهَارَتَيْنِ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَالنِّيَّةِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه- فِي الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ، تُومِئُ بِرَأْسِهَا.
وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. … (المغني).
وقال القرطبي: ولا خلاف في أن سجود القرآن يحتاج إلى ما تحتاج إليه الصلاة من طهارة حدث ونجس، ونية، واستقبال قبلة، ووقت. إلا ما ذكر البخاري عن ابن عمر أنه كان يسجد على غير طهارة. وذكره ابن المنذر عن الشعبي.
أ-لقوله -صلى الله عليه وسلم- (لا يقبل الله صلاة بغير طهور)، قالوا: فيدخل في عمومه السجود.
ب- القياس على سجود السهو بعد السلام، فكما اشترطت الطهارة له، فكذلك تشترط الطهارة لسجود التلاوة.
وذهب بعض العلماء: إلى أنه لا يشترط له ما يشترط للصلاة.
وهذا اختيار بعض المحققين، كابن جرير، وابن حزم، وابن تيمية، وابن القيم، والشوكاني.
أ-لحديث ابن عباس السابق (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس).
وجه الدلالة من وجهين:
الأول: سجود المشركين، وهم على ما هم عليه من الحدث، وأُقرُّوا على ذلك، وسمى الصحابة فعلهم هذا سجوداً.
والثاني: أنه يبعد أن يكون جميع من حضر من المسلمين كانوا عند قراءة الآية على وضوء، لأنهم لم يتأهبوا لذلك، فيكون سجودهم مع إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم على ذلك دليلاً على عدم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة.
قال الشوكاني: ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضئاً، وقد كان يسجد معه -صلى الله عليه وسلم- من حضر تلاوته، ولم ينقل أنه أمر أحداً منهم بالوضوء، ويبعد أن يكونوا جميعاً متوضئين. وأيضاً قد كان يسجد معه المشركون كما تقدم، وهم أنجاس لا يصح وضوؤهم.
ب- ما جاء عن ابن عمر (أنه كان يسجد للتلاوة على غير وضوء) رواه ابن أبي شيبة والبخاري تعليقاً.
وهذا القول هو الصحيح.