ورجح بعض العلماء وقف هذا الحديث.
وما دل عليه هذا الموقوف هو الصحيح لوجوه:
أولاً: أنه قول صحابي لم يثبت خلافه.
ثانياً: أنه الأصل، فالأصل أن يحج الإنسان عن نفسه قبل أن يحج عن غيره.
ثالثاً: أن الله قد خاطب هذا المكلف وأمره أن يؤدي هذا الفرض، فكيف يذهب يؤدي فرض غيره، والله قد خاطبه بنفسه: (ولله على الناس حج … ).
[فائدة: ٦]
إن حج عن غيره وهو لم يحج عن نفسه، فإن هذه الحجة تكون عن نفسه، ويرد المال لصاحبه.
وقد جاء في رواية عند ابن ماجه لهذا الحديث (فاجعل هذه عن نفسك، ثم احجج عن شبرمة).
قال الشيخ ابن عثيمين: لو فرضنا أن هذا الذي أقيم وهو لم يؤد فريضة الحج، حج وقال: لبيك عن فلان الذي وكله، يكون الحج لهذا الذي حج ويرد النفقة التي أعطاها لمن وكله، لأن ذلك العمل الذي وكله فيه لم يصح، فيرد عوضه. (الشرح الممتع)
وهذا القول هو مذهب الشافعي وأحمد.
قال النووي: لَا يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ حَجَّةُ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا لِمَنْ عَلَيْهِ عُمْرَةُ الْإِسْلَامِ إذَا أَوْجَبْنَاهَا أَوْ عُمْرَةُ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَنْ يَعْتَمِرَ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا، فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ الْغَيْرِ، هَذَا مَذْهَبُنَا وبه قال ابن عباس. … (المجموع).
وذهب بعض العلماء: إلى أن من حج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه فإن الحج يقع عن الغير.
وهذا قول الحنفية، والمالكية.
واستدلوا بحديث المرأة الخثعمية - وقد تقدم - ولم يسألها هل حججتِ عن نفسك أم لا؟
ولكن الراجح القول الأول، وأما حديث الخثعمية فالجواب عنه بأن يقال: أن المرأة سألت وهي متلبسة بالحج (تحج عن نفسها) فهي تسأل عن المستقبل.