(ويَحْلقُ أو يقصّر من جميع شعَرهِ، وتُقصّرُ المرأة منه قدْرَ أنْمُلةٍ).
هذا العمل الثالث من أعمال يوم العيد: الحلق أو التقصير.
لم يذكر جابر الحلق في هذه الرواية، لكن جاء عند أحمد من حديث جابر ( … نحر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلق).
وفي حديث أنس (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى منى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: خذ، وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس).
وهذا يدل على أن السنة أن يكون الحلق بعد النحر (رمي، نحر، حلق).
• والحلق أفضل من التقصير:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ) متفق عليه.
وقد قال تعالي (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ءامنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون).
فقدم الله عز وجل الحلق علي التقصير، وهذا يدل على أن الحلق أفضل لتقدمه.
ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (حلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجته) متفق عليه.
وهذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا شك أن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الأفضل.
فائدة: ١
وجه كون الحلق أفضل من التقصير.
قال في الفتح: وجه كون الحلق أفضل من التقصير أنه أبلغ في العبادة، وأبين للخضوع والذلة، وأدل على صدق النية، فالذي يقصّر يُبقي على نفسه شيئاً مما يتزين به، بخلاف الحالق، فإنه يشعر بأنه ترك ذلك لله تعالى.
وقال النووي: ووجه فضيلة الحلق على التقصير أنه أبلغ في العبادة، وأدل على صدق النية في التذلل لله تعالى، ولأن المقصر مبق على نفسه الشعر الذي هو زينة، والحاج مأمور بترك الزينة، بل هو أشعث أغبر.