للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فائدة: ٢]

تقدم النهي عن قتل شيوخ الكفار إن لم يقاتلوا.

فما الجواب عن حديث سَمُرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (اُقْتُلُوا شُيُوخَ اَلْمُشْرِكِينَ، وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ

الجواب: فالمراد بهم: الشيوخ الذين فيهم قوة على القتال، ومعونة عليه برأي أو تدبير، وبهذا تجتمع الأدلة.

قال ابن قدامة: ولَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا طِفْلًا، وَلَا امْرَأَةً) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فِي سُنَنِهِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي الله عنه- أَنَّهُ وَصَّى يَزِيدَ حِينَ وَجَّهَهُ إلَى الشَّامِ، فَقَالَ: لَا تَقْتُلْ صَبِيًّا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا هَرِمًا

وَعَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ وَصَّى سَلَمَةَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ: لَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا شَيْخًا هَرِمًا. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.

وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، فَلَا يُقْتَلْ، كَالْمَرْأَةِ.

وَقَدْ أَوْمَأَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي الْمَرْأَةِ، فَقَالَ (مَا بَالُ هَذِهِ قُتِلَتْ، وَهِيَ لَا تُقَاتِلُ).

وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ عُمُومِهَا الْمَرْأَةُ، وَالشَّيْخُ الْهَرِمُ فِي مَعْنَاهَا، فَنَقِيسُهُ عَلَيْهَا.

وَأَمَّا حَدِيثُهُمْ، فَأَرَادَ بِهِ الشُّيُوخَ الَّذِينَ فِيهِمْ قُوَّةٌ عَلَى الْقِتَالِ، أَوْمَعُونَةٌ عَلَيْهِ، بِرَأْيِ أَوْ تَدْبِيرٍ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّ أَحَادِيثَنَا خَاصَّةٌ فِي الْهَرِمِ، وَحَدِيثَهُمْ عَامٌّ فِي الشُّيُوخِ كُلِّهِمْ، وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ، وَقِيَاسُهُمْ يَنْتَقِضُ بِالْعَجُوزِ الَّتِي لَا نَفْعَ فِيهَا. (المغني)

<<  <  ج: ص:  >  >>