في حديث أبي هريرة السابق (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَراً بِبَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ فِيه ...... ) دليل على فضل الصلوات الخمس، وأنها سبب لمحو الخطايا والذنوب.
قال ابن رجب: هذا مثل ضربه النبي -صلى الله عليه وسلم- لمحو الخطايا بالصلوات الخمس، فجعل مثل ذلك مثل من ببابه نهر يغتسل فيه كل يوم خمس مرار، كما أن درنه ووسخه ينقى بذلك حتى لا يبقى منه شيء، فكذلك الصلوات الخمس في كل يوم تمحو الذنوب والخطايا حتى لا يبقى منها شيء.
وقال: وتمثيله بالنهر: هو مبالغة في إنقاء الدرن، فإن النهر الجاري يذهب الدرن الذي غسل فيه ولا يبقى له فيه أثر، بخلاف الماء الراكد، فإن الدرن الذي غسل فيه يمكث في الماء، وربما ظهر مع كثرة الاغتسال فيه على طول الزمان، ولهذا روي النهي عن الاغتسال في الماء الدائم كما سبق ذكره في الطهارة.
وقال ابن حجر: وفائدة التمثيل التأكيد، وجعل المعقول كالمحسوس.
وقال ابن العربي: وجه التمثيل، أن المرء كما يتدنس بالأقذار المحسوسة في بدنه وثيابه، ويُطهره الماء الكثير، فكذلك الصلوات تُطهّر العبد عن أقذار الذنوب حتى لا تُبقي له ذنباً إلا أسقطته وكفّرته.
• والحديث دليل على أن الصلوات الخمس تكفر وتمحو الخطايا والذنوب، والمراد بالذنوب التي تكفرها الصلاة هي الصغائر دون الكبائر.
قال ابن رجب: واستدل بذلك بعض من يقول: إن الصلاة تكفر الكبائر والصغائر، لكن الجمهور القائلون بأن الكبائر لا يكفرها مجرد الصلاة بدون توبة، يقولون: هذا العموم خص منه الكبائر بما خرجه مسلم من حديث أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن، ما اجتنبت الكبائر).
وفيه - أيضاً - عن عثمان، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها؛ إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب، ما لم تؤت كبيرة وكذلك الدهر كله).
وخرج النسائي، وابن حبان، والحاكم من حديث أبي سعيد وأبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (والذي نفسي بيده، ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة، ثم قيل له: ادخل بسلام).