للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القرطبيّ: فإن قيل كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرًا، فلو صُفّدت الشياطين لم يقع ذلك.

فالجواب: أنها إنما تقلّ عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه.

أو المصفّد بعض الشياطين، وهم المردة، لا كلّهم، كما تقدّم في بعض الروايات.

أو المقصود تقليل الشرور فيه، وهذا أمر محسوس، فإن وقوع ذلك فيه أقلّ من غيره، إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شرّ، ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابًا غير الشياطين؛ كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإنسيّة.

(حكمه صومه فرض).

أي: أن صوم رمضان فرض، وركن من أركان الإسلام الخمسة.

أ-قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

(كتب) أي فرض (كما كتب على الذين من قبلكم) تسلية للمؤمنين وإشعار لهم بأن الله قد فرض هذا الأمر على من قبلهم من الأمم (لعلكم تتقون) فيه بيان الحكمة من مشروعية الصيام وهي تقوى الله.

ب-عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ: عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ) متفق عليه.

ج-وعن طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يقال (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ نَسْمَعُ دَوِىَّ صَوْتِهِ وَلَا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ «

لَا. إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ». فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ «لَا. إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ». وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الزَّكَاةَ فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ «لَا. إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ» قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>