للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمثلة: مكلف قذف صغيراً فلا حد عليه، امرأة بالغة قذفت رجلاً بالغاً فإنه يقام عليها الحد، حر قذف عبداً فلا يقام عليه الحد، مكلف عاقل قذف مجنوناً فلا يقام عليه الحد.

قوله (وَإِنْ كَانَ عَبْداً أَرْبَعِينَ) أي: وإن كان عبداً جلد أربعين.

وهذا قول جمهور العلماء: أن العبد إذا قذف حراً جلد ٤٠.

قال الشنقيطي: اعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَذَفَ حُرًّا يُجْلَدُ أَرْبَعِينَ; لِأَنَّهُ حَدٌّ يَتَشَطَّرُ بِالرِّقِّ كَحَدِّ الزِّنَى.

وذهب بعض العلماء: أن حد المملوك إذا قذف حراً ثمانون جلدة كحد الحر.

وهذا قول ابن مسعود، واختاره ابن حزم.

لعموم الآية (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً).

ورجحه الشنقيطي فقال: أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي دَلِيلًا: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَذَفَ حُرًّا جُلِدَ ثَمَانِينَ لَا أَرْبَعِينَ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا اسْتَظْهَرْنَا جَلْدَهُ ثَمَانِينَ.

لِأَنَّ الْعَبْدَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) وَلَا يُمْكِنُ إِخْرَاجُهُ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ، إِلَّا بِدَلِيلٍ وَلَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ، لَا مِنْ كِتَابٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ، وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّصُّ عَلَى تَشْطِيرِ الْحَدِّ عَنِ الْأَمَةِ فِي حَدِّ الزِّنَى وَأَلْحَقَ الْعُلَمَاءُ بِهَا الْعَبْدَ بِجَامِعِ الرِّقِّ، وَالزِّنَى غَيْرُ الْقَذْفِ.

أَمَّا الْقَذْفُ فَلَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ وَلَا قِيَاسٌ فِي خُصُوصِهِ.

وَأَمَّا قِيَاسُ الْقَذْفِ عَلَى الزِّنَى فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ; لِأَنَّ الْقَذْفَ جِنَايَةٌ عَلَى عِرْضِ إِنْسَانٍ مُعَيَّنٍ، وَالرَّدْعُ عَنِ الْأَعْرَاضِ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ فَيُرْدَعُ الْعَبْدُ كَمَا يُرْدَعُ الْحُرُّ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. (أضواء البيان).

(وهُو حقٌّ للمقذوفِ).

أي: أن حد القذف حق للمخلوق وليس حقاً لله.

وهذا قول المالكية والشافعية واختاره ابن تيمية، وهذا الراجح.

قال ابن قدامة: ويعتبر لإقامة الحد [حد القذف] مطالبة المقذوف، لأنه حق له فلا يستوفى قبل طلبه، كسائر حقوقه …

فلو طلب [يعني: إقامة الحد] ثم عفا عن الحد، سقط، وبهذا قال الشافعي.

وذهب بعض العلماء: إلى أنه من حقوق الله.

وهذا قول الحنفية ورجحه ابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>