أولاً: أن من شرط النسخ عدم إمكان الجمع بين الدليلين، وليس الأمر كذلك ههنا، فإن تركه -صلى الله عليه وسلم- للقيام بعد أمره به دليل على أن الأمر الأول للندب وليس للوجوب، وبه تجتمع الأدلة دون حاجة للقول بالنسخ.
ثانياً: أن أحاديث الأمر بالقيام لفظ صريح، وهذه الأحاديث حكاية فعل لا عموم له، وليس فيها لفظ عام يحتج به على النسخ، وغاية ما فيها أنه (قام وقعد) وهو فعل محتمل لا يقوى على تأييد دعوى النسخ.
فائدة: ٢
الحكمة من القيام للجنازة.
جاء تعليله في الحديث بقوله (إن للموت فَزَعاً) فدلّ على أن القيام لتذكر الموت، وإعظامه، وجعله من أهمّ ما يخطر بالإنسان، ولذا استوى فيه جنازة المؤمن والكافر.
أيضًا جاء تعليله بقوله (أليست نفساً).
وثبت في رواية أحمد، وابن حبّان تعليله بقوله (إنما تقومون إعظاماً للذي يقبض النفوس).
وفي رواية الحاكم بقوله (إنما قمنا للملائكة).
ولا تنافي بين هذه الروايات، كما سيأتي بيان ذلك قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى