أ-أما حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرّ بامرأة تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري … ) فيجاب عنه:
أولاً: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقرّ المرأة على فعلها، بل أمرها بتقوى الله التي هي فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، ومن جملتها النهي عن زيارة القبور، ففي هذا إنكار قعودها عند القبر، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
قال ابن القيم: احتج به على جواز زيارة النساء للقبور، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر عليها الزيارة وإنما أمرها بالصبر، ولو كانت حراماً لبيّن لها حكمها، وأجيب عن هذا بأنه -صلى الله عليه وسلم- قد أمرها بتقوى الله والصبر، وهذا إنكار منه لحالها من الزيارة والبكاء.
ثانياً: أن هذه القضية لا يعلم هل كانت قبل أحاديث المنع من زيارة النساء للقبور أو لا؟ وهي إما أن تكون دالة على الجواز فلا دلالة على تأخرها عن أحاديث المنع، أو تكون دالة على المنع بأمرها بتقوى الله فلا دلالة فيها، وعلى الجواز على التقديرين لا تعارض أحاديث المنع، ولا يمكن دعوى نسخها بها.
ب- أما قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) فيجاب عنه:
أنه خطاب للرجال دون النساء، فإن اللفظ لفظ مذكر وهو مختص بالذكور بأصل الوضع فلا يدخل فيه النساء، وهذا هو المذهب الصحيح المختار في الأصول.
وعلى هذا فالإذن لا يتناول النساء فلا يدخلن في الحكم الناسخ.