(والمستحاضة حكمها حكم الطاهرات).
وهذا بالاتفاق، أن حكمها حكم الطاهرات، فلا فرق بين بين المستحاضة وبين الطاهرات إلا فيما يأتي:
(لكنها تتوضأ لكل صلاة).
هذا الأمر الأول التي تخالف فيه المستحاضة الطاهرات، وهي أنها تتوضأ لكل صلاة.
لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! إِنِّي اِمْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ اَلصَّلَاةَ? قَالَ: "لَا. إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي اَلصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ اَلدَّمَ، ثُمَّ صَلِّي) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: (ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ).
وهذا قول جمهور العلماء.
قال ابن رجب: وقد روي الأمر للمستحاضة بالوضوء لكل صلاة عن جماعة من الصحابة، منهم علي، ومعاذ، وابن عباس، وعائشة.
لقوله في هذا الحديث (ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاة).
• معنى (لكل صلاة) أي: لوقت كل صلاة.
لأنه جاء إطلاق الصلاة على الوقت، كما في قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث جابر (فأينما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل) أي: أدركه وقت الصلاة.
فإن كانت الصلاة مؤقتة [كالصلوات الخمس] فإنها لا تتوضأ إلا إذا دخل وقت الصلاة ثم تصلي.
أما إذا كانت الصلاة غير مؤقتة [كصلاة الضحى مثلاً] فإنها تتوضأ عند إرادة فعلها.
وذهب بعض العلماء: إلى أنه لا يجب عليها أن تتوضأ لكل صلاة.
وهذا قول المالكية، واختاره ابن تيمية، والشيخ ابن عثيمين أخيراً.
قال ابن عبد البر: إن صاحب الحدث الدائم كالاستحاضة وسلس البول لا يرتفع حدثه بالوضوء، فيكون في حقه مستحباً لا واجباً.
وأفتى الشيخ ابن عثيمين أنه لا يلزمها الوضوء لكل صلاة، ما لم ينتقض وضوءها، وأما حديث (ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاة) فهي غير محفوظة، ومثلها من عنده استطلاق ريح وقال: ليس عليه دليل ولا يفيدهما شيئاً.
وقد حكم بشذوذ هذه الرواية (ثم توضئي لكل صلاة). مسلم والنسائي والبيهقي وابن رجب.
(ويكره وطؤها إلا أن يخاف العنت).
هذا الفرق الثاني بينها وبين الطاهرات، أنه يكره لزوجها أن يطأها إلا أن يخاف العنت.
وهذا مذهب الحنابلة.
أ-لقول عائشة (المستحاضة لا يغشاها زوجها).
ب-ولأن بها أذى فيحرم وطؤها كالحائض.