قال الحافظ ابن حجر: وأما الصدقة، فاتفقوا على أنه لا يجوز الرجوع فيها بعد القبض. (الفتح).
والحاصل: أن من نوى أن يتصدق بمبلغ من المال، فالأولى له إمضاء الصدقة ولا يجب عليه ذلك، ما لم يقبضها الفقير، فإن قبضها فلا يجوز الرجوع فيها باتفاق العلماء رحمهم الله.
فائدة: ٣
قوله (اَلْيَدُ اَلْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اَلْيَدِ اَلسُّفْلَى).
المراد باليد العليا: هي المنفقة. والسفلى: هي السائلة.
كما جاء في حديث آخر (يد الله فوق يد المعطي، ويد المعطي فوق يد المعطى، ويد المعطى أسفل الأيدي).
وقال -صلى الله عليه وسلم- (الأيد ثلاثة: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى).
(والمنّ بالصدقة كبيرة، ويبطل به الثواب).
أي: أن المنّ بالصدقة حرام وكبيرة من الكبائر، ومبطل لأجر الصدقة.
وقال القرطبي: المَنُّ: ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها؛ مثل أن يقول: قد أحسنت إليك ونَعْشْتُك وشبهه.
وقال بعضهم: المنّ: التحدّث بما أَعطى حتى يبلغ ذلك المعطَى فيؤذيه.
أ- قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
ب- وعنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَنَّانُ الَّذِى لَا يُعْطِى شَيْئًا إِلاَّ مَنَّهُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ) رواه مسلم.
ج- وعن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاقّ لوالديه والمرأة المترجِّلة تتشبّه بالرجال والديُّوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة العاقّ لوالديه والمدمِن الخمر والمنّان بما أعطى) رواه النسائي.