للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجب هؤلاء (وهم الجمهور) عن الأحاديث التي فيها يقطع الصلاة كحديث أبي ذر وأبي هريرة بأجوبة:

أ- قالوا إن المراد بالقطع نقص الصلاة.

قال النووي: وتأول هؤلاء حديث القطع على أن المراد به ينقص الصلاة لشغل القلب بهذه الأشياء، وليس المراد إبطالها. (شرح مسلم).

ب- أنه منسوخ.

قال النووي: واما الجواب عن الأحاديث الصحيحة التي احتجوا بها فمن وجهين:

أصحهما وأحسنهما ما أجاب به الشافعي والخطابي والمحققون من الفقهاء والمحدثين: أن المراد بالقطع القطع عن الخشوع والذكر للشغل بها والالتفات إليها، لا أنها تفسد الصلاة، فهذا الجواب هو الذى نعتمده، وأما ما يدعيه أصحابنا وغيرهم من النسخ فليس بمقبول، إذ لا دليل عليه، ولا يلزم من كون حديث ابن عباس في حجة الوداع وهى في آخر الأمر أن يكون ناسخاً، إذ يمكن كون أحاديث القطع بعده، وقد علم وتقرر في الأصول، أن مثل هذا لا يكون ناسخاً مع أنه لو احتمل النسخ لكان الجمع بين الأحاديث مقدماً عليه، إذ ليس فيه رد شيء منها، وهذه أيضاً قاعدة معروفة. (المجموع).

والراجح أنه يقطع الصلاة هذه الأشياء الثلاثة المذكورة بالحديث.

قال ابن القيم: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُتْرَةٌ فَإِنّهُ صَحّ عَنْهُ أَنّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ " الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ ". وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبّاسٍ وَعَبْدِ اللّهِ بْنِ مُغَفّلٍ. وَمُعَارِضُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ قِسْمَانِ صَحِيحٌ غَيْرُ صَرِيحٍ وَصَرِيحٌ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَا يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِهَا لِمُعَارِضٍ هَذَا شَأْنُهُ.

• وأما الجواب عن أدلة الجمهور:

أما حديث أبي سعيد (لا يقطع الصلاة شيء) فحديث ضعيف فلا حجة فيه.

ضعفه ابن حزم في المحلي، وقال النووي: هو ضعيف، وضعفه ابن قدامة في المغني، وابن حجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>