للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفقوا على أن المعذور يجوز له الطواف والسعي راكباً، سواء كان العذر مرضا أو عجزا أو مشقة أو كِبَراً في السن، ونحو ذلك.

لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت (شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنِّي أَشْتَكِي فَقَال: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ). متفق عليه

قال الحافظ: وفيه جواز الطواف للراكب إذا كان لعذر، وإنما أمرها أن تطوف من وراء الناس ليكون أستر لها، ولا تقطع صفوفهم أيضا، ولا يتأذون بدابتها.

وقال ابن تيمية: يَجُوزُ الطَّوَافُ رَاكِبًا وَمَحْمُولًا لِلْعُذْرِ بِالنَّصِّ، وَاتِّفَاقِ الْعُلَمَاء.

واختلف العلماء فيمن طاف راكباً من غير عذر على أقوال:

[القول الأول: أن ذلك يجزئه.]

أ- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع على بعير) رواه مسلم.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- إنما فعل ذلك لمصلحة وهي أن يراه الناس ويسألوه.

ففي صحيح مسلم: عَنْ جَابِرٍ، قَالَ (طَافَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْبَيْتِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ؛ لِأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ، وَلِيُشْرِفَ، وَلِيَسْأَلُوهُ، فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوه) أي ازدحموا عليه.

قال النووي: " هذا بيان لعلة ركوبه -صلى الله عليه وسلم-.

ب- ولأن الله تعالى أمر بالطواف مطلقاً فكيفما أتى به أجزأه راكباً أو ماشياً؛ لأنه لا يجوز تقييد المطلق بغير دليل.

[تنبيه]

وأما ما جاء في "سنن أبي داود" (من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عكرمة عن ابن عباس (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم مكة وهو يشتكي، فطاف على راحلته).

فهي رواية ضعيفة لا يعتمد عليها في تعليل ركوبه بالمرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>