للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويَحرُم لعنُها).

أي: يحرم لعن الحيوان.

أ-عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ (بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَامْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ «خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ». قَالَ عِمْرَانُ فَكَأَنِّى أَرَاهَا الآنَ تَمْشِى فِي النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ. رواه مسلم.

ب-عَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ (بَيْنَمَا جَارِيَةٌ عَلَى نَاقَةٍ عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ الْقَوْمِ إِذْ بَصُرَتْ بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَتَضَايَقَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَقَالَتْ حَلْ اللَّهُمَّ

الْعَنْهَا. قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: لَا تُصَاحِبُنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ) رواه مسلم.

(حَلْ) كلمة تقال لزجر الإبل حتى تسرع المشي.

قال النووي: قَوْله -صلى الله عليه وسلم- فِي النَّاقَة الَّتِي لَعَنَتْهَا الْمَرْأَة: (خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَة) وَفِي رِوَايَة: (لَا تُصَاحِبنَا نَاقَة عَلَيْهَا لَعْنَة): إِنَّمَا قَالَ هَذَا زَجْرًا لَهَا وَلِغَيْرِهَا، وَكَانَ قَدْ سَبَقَ نَهْيهَا، وَنَهْي غَيْرهَا عَنْ اللَّعْن، فَعُوقِبَتْ بِإِرْسَالِ النَّاقَة. وَالْمُرَاد النَّهْي عَنْ مُصَاحَبَته لِتِلْكَ النَّاقَة فِي الطَّرِيق، وَأَمَّا بَيْعهَا وَذَبْحهَا وَرُكُوبهَا فِي غَيْر مُصَاحَبَته -صلى الله عليه وسلم-، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَات الَّتِي كَانَتْ جَائِزَة قَبْل هَذَا: فَهِيَ بَاقِيَة عَلَى الْجَوَاز; لِأَنَّ الشَّرْع إِنَّمَا وَرَدَ بِالنَّهْيِ عَنْ الْمُصَاحَبَة، فَبَقِيَ الْبَاقِي كَمَا كَانَ" انتهى.

وقال الخطابي: قلت: زعم بعض أهل العلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أمرهم بذلك فيها لأنه قد استجيب لها الدعاء عليها باللعن: واستدل على ذلك بقول: فإنها ملعونة، وقد يحتمل أن يكون إنما فعل ذلك عقوبة لصاحبتها، لئلا تعود إلى مثل قولها" انتهى.

وقال ابن القيم: وَالصَّوَاب أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عُقُوبَة لَهَا، لِئَلَّا تَعُود إلى مِثْل قَوْلهَا، وَتَلْعَن مَا لَا يَسْتَحِقّ اللَّعْن …

<<  <  ج: ص:  >  >>