قال النووي: وأما ماء البحر فجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم على أنه لا يكره كمذهبنا: وحكى الترمذي في جامعه وابن المنذر في الإشراف وغيرهما عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنهما كرها الوضوء به، وحكاه أصحابنا أيضاً عن سعيد بن المسيب.
واحتج لهم بحديث روى عن ابن عمرو عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (تحت البحر نار وتحت النار بحر حتى عد سبعة وسبعة). رواه أبو داود في سننه
وأما حديث (تحت البحر نار) فضعيف باتفاق المحدثين، وممن بين ضعفه أبو عمر بن عبد البر، ولو ثبت لم يكن فيه دليل ولا معارضة بينه وبين حديث هو الطهور ماؤه. (المجموع).
• قوله (والنجاسات) المراد بالنجاسة هنا الطارئة، لأن النجاسة تنقسم إلى قسمين:
أ- نجاسة عينية: وهي التي تكون عين الشيء وذاته نجسة، مثل: العذرة، مثل البول، العذرة ذاتها نجسة، عينها نجسة، البول: ذاته نجس، روث الحمار ذاته نجسة، الكلب: عينه نجس، ذاته نجسة.
ب- نجاسة طارئة: هي التي وردت على محل طارئ، مثلاً: عندك ثوب طاهر ثم وقعت عليه نجاسة، فهذه النجاسة تسمى الطارئة، ويسميها العلماء أيضاً حكمية.
فالماء لا يرفع إلا النجاسة الطارئة، أما النجاسة العينية: هذه ما يطهرها الماء، ولو جئت بالكلب وغسلته بماء البحر ما طهر، لكن
النجاسة العينية تطهر في الاستحالة: إذا انقلبت من عين إلى عين أخرى طهرت.