للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم: فالشارع لم يجعل الطاعات والقربات محلاً للإيثار، بل محلاً للتنافس والمسابقة.

ومما يدل على هذا: أنه سبحانه أمر بالمسابقة في أعمال البر والتنافس فيها والمبادرة إليها، وهذا ضد الإيثار بها.

قال تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم … ).

وقال تعالى (فاستبقوا الخيرات) وقال تعالى (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول لكانت قرعة) والقرعة إنما تكون عند التزاحم والتنافس لا عند الإيثار.

وأيضاً فإن المقصود رغبة العبد في التقرب إلى الله، وابتغاء الوسيلة إليه، والمنافسة في محابه، والإيثار بهذا التقرب يدل على رغبته عنه، وتركه له وعدم المنافسة فيه. (طريق الهجرتين).

وقال النووي: وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْثَر فِي الْقُرَب، وَإِنَّمَا الْإِيثَار الْمَحْمُود مَا كَانَ فِي حُظُوظ النَّفْس دُون الطَّاعَات، قَالُوا: فَيُكْرَه أَنْ يُؤْثِر غَيْره بِمَوْضِعِهِ مِنْ الصَّفّ الْأَوَّل.

قال سلطان العلماء الشيخ عز الدين: "لا إيثار في القربات، لأن الغرض بالعبادات التعظيم والإجلال، فمن آثر به فقد ترك إجلال الله وتعظيمه.

وقال الخطيب البغدادي في (الجامع): "والإيثار بالقرب مكروه.

وقال السيوطي: الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب، قال تعالى (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة).

<<  <  ج: ص:  >  >>