(أَفَأَحُجُّ عَنْهُ?) أي: أيجوز لي أن أنوب عنه فأحج عنه، (قَالَ: نَعَمْ) وفي حديث أبي هريرة (احججي عن أبيك).
فالإنسان إذا كان قادراً بماله لكنه غير قادر ببدنه (لا يرجى زوال مرضه) فهذا يجب عليه أن ينيب أحداً عنه لهذا الحديث.
والقدرة قسمها العلماء إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: قدرة بالمال والبدن، فهذه توجب حج الإنسان بنفسه.
ثانياً: قدرة بالبدن دون المال، فهذه توجب حج الإنسان بنفسه إذا كان قادراً على المشي، سواء من بلده أم من مكة، فإن كان لا يقدر على المشي وليس عنده راحلة، فإنه لا يجب عليه الحج، لأنه غير مستطيع.
ثالثاً: قدرة بالمال دون البدن، فهذا يقسمه العلماء إلى قسمين:
قسم يرجى زوال عجزه، فهذا لا يجب أن يقيم من يحج عنه، بل لا يصح، لأن عجزه مؤقت.
وقسم لا يرجى زوال عجزه، فهذا يجب أن ينيب عنه أحداً، لحديث الباب.
قال النووي: والجمهور على أن النيابة في الحج جائزة عن الميت والعاجز الميئوس من برئه.
وقال ابن حجر: واتفق من أجاز النيابة في الحج على أنها لا تجزئ في الفرض إلا عن موت أو عضَب -أي: شلل-، فلا يدخل المريض؛ لأنه يرجى برؤه، ولا المجنون؛ لأنه ترجى إفاقته، ولا المحبوس؛ لأنه يرجى خلاصه، ولا الفقير؛ لأنه يمكن استغناؤه.