فهذا نص في تفضيل صيام شوال على صيام الأشهر الحرم، وإنما كان كذلك لأنه يلي رمضان من بعده كما أن شعبان يليه من قبله، وشعبان أفضل لصيام النبي -صلى الله عليه وسلم- له دون شوال، فإذا كان صيام شوال أفضل من الأشهر الحرم فلأن يكون صوم شعبان أفضل بطريق الأولى.
فظهر بهذا أفضل التطوع ما كان قريباً من رمضان قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان لقربه منه، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها فيلتحق بالفرائض في الفضل، وهي تكملة لنقص الفرائض، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة، فكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعد منه، ويكون قوله -صلى الله عليه وسلم- (أفضل الصيام بعد رمضان المحرم) محمولاً على التطوع المطلق بالصيام، فأما ما قبل رمضان وبعده فإن يلتحق في الفضل كما أن قوله في تمام الحديث (وأفضل الصلاة بعد المكتوبة: قيام الليل) إنما أريد به تفضيل قيام الليل على التطوع المطلق دون السنن الرواتب عند جمهور العلماء خلافا لبعض الشافعية و الله أعلم.
قال الشيخُ ابنُ عثيمين: واختلف العلماءُ - رحمهم اللهُ - أيهما أفضلُ صوم شهر المحرم، أم صوم شعبان؟
فقال بعضُ العلماءِ: شهرُ شعبانَ أفضلُ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصومهُ إلا قليلاً منهُ ولم يُحفظ عنهُ أنه كان يصومُ شهرَ المحرمِ، لكنهُ حث على صيامهِ بقوله: " إنهُ أفضلُ الصيامِ بعد رمضان.
قالوا: ولأن صومَ شعبانَ ينزلُ منزلةَ الراتبةِ قبل الفريضةِ، وصومَ المحرمِ ينزلُ منزلةَ النفلِ المطلقِ، ومنزلةُ الراتبةِ أفضلُ من منزلةِ المطلقِ، وعلى كلٍ فهذان الشهران يسنُ صومهما، إلا أن شعبانَ لا يكملهُ.