للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• الحكمة في أن صلاة النافلة في البيت أفضل:

قال النووي مبيناً الحكمة: وَإِنَّمَا حَثَّ عَلَى النَّافِلَة فِي الْبَيْت لِكَوْنِهِ أَخْفَى وَأَبْعَدَ مِنْ الرِّيَاء، وَأَصْوَنُ مِنْ الْمُحْبِطَات، وَلِيَتَبَرَّك الْبَيْت بِذَلِكَ وَتَنْزِل فِيهِ الرَّحْمَة وَالْمَلَائِكَة وَيَنْفِر مِنْهُ الشَّيْطَان، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله -صلى الله عليه وسلم- فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: (فَإِنَّ اللَّه جَاعِل فِي بَيْته مِنْ صَلَاته خَيْرًا).

وقال ابن قدامة: وَالتَّطَوُّعُ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْبَيْتِ أَقْرَبُ إلَى الْإِخْلَاصِ، وَأَبْعَدُ مِنْ الرِّيَاءِ، وَهُوَ مِنْ عَمَلِ السِّرِّ، وَفِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَانِيَةٌ وَالسِّرُّ أَفْضَلُ.

• وهذا الحكم حتى لو كان الإنسان في مكة أو المدينة، فإن الأفضل أن يصلي التطوع في بيته.

(ويُسن الفصلُ بين الفرض وسُنتهِ بقيامٍ أو كلام).

أي: يسن إذا صلى الفريضة أن لا يصلها بنافلة، بل يفصل بينهما بقيام أو كلام.

لحديث السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ (إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ، حَتَّى تُكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَنَا بِذَلِكَ: أَنْ لَا نُوصِلَ صَلَاةً بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(أَنْ لَا نُوصِلَ صَلَاةً بِصَلَاةٍ) أي: صلاة الفرض بالنفل. (حَتَّى نَتَكَلَّمَ) إما بالأذكار الشرعية، أو بمخاطبة من بجانبه. (أَوْ تَخْرُجَ) أي: تنتقل من محل الجمعة إلى محل آخر من المسجد.

فالحديث دليل مشروعية الفصل بين صلاة الجمعة ونافلتها، إما بكلام أو تحول.

وهذا الحكم ليس خاصاً بالجمعة، بل في جميع الصلوات، والأفضل الخروج إلى البيت، لما تقدم من قوله -صلى الله عليه وسلم- (صلوا في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة).

<<  <  ج: ص:  >  >>