فإن اجتمعت التراويح والكسوف، فبأيهما يبدأ؟ فيه وجهان، هذا قول أصحابنا، والصحيح عندي أن الصلوات الواجبة التي تصلى في الجماعة مقدمة على الكسوف بكل حال; لأن تقديم الكسوف عليها يفضي إلى المشقة، لإلزام الحاضرين بفعلها مع كونها ليست واجبة عليهم، وانتظارهم للصلاة الواجبة، مع أن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتخفيف الصلاة الواجبة، كي لا يشق
على المأمومين، فإلحاق المشقة بهذه الصلاة الطويلة الشاقة، مع أنها غير واجبة، أولى، وكذلك الحكم إذا اجتمعت مع التراويح، قدمت التراويح لذلك، وإن اجتمعت مع الوتر في أول وقت الوتر قدمت؛ لأن الوتر لا يفوت، وإن خيف فوات الوتر قدم; لأنه يسير يمكن فعله وإدراك وقت الكسوف، وإن لم يبق إلا قدر الوتر، فلا حاجة بالتلبس بصلاة الكسوف; لأنها إنما تقع في وقت النهي، وإن اجتمع الكسوف وصلاة الجنازة، قدمت الجنازة وجها واحداً; لأن الميت يخاف عليه، والله أعلم. … (المغني).
وقال النووي رحمه الله: قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: إذا اجتمع صلاتان في وقت واحد قدم ما يخاف فوته، ثم الأوكد، فإذا اجتمع عيد وكسوف، أو جمعة وكسوف وخيف فوت العيد أو الجمعة لضيق الوقت قدم العيد والجمعة؛ لأنهما أوكد من الكسوف وإن لم يخف فوتهما فالأصح وبه قطع المصنف [أبو إسحاق الشيرازي] والأكثرون: يقدم الكسوف، لأنه يخاف فوته. (المجموع)