عن أَنَس -رضي الله عنه- قَالَ (كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهْوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّار) رواه البخاري.
قال الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في "صحيحه": "باب عيادة المشرك"، ثم ذكر حديث أنس السابق.
قال ابن بطال -رضي الله عنه-: إنما تشرع عيادته إذا رُجِي أن يجيب إلى الدخول في الإسلام، فأما إذا لم يُطمَع في ذلك فلا. انتهى.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والذي يظهر لي أن ذلك يختلف باختلاف المقاصد، فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى، قال الماورديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: عيادة الذميّ جائزة، والقربة موقوفة على نوع حرمة تقترن بها من جوار أو قرابة.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن قومٍ مسلمين مجاوري النصارى، فهل يجوز للمسلم إذا مرض النصراني أن يعوده؟ وإذا مات أن يتبع جنازته؟ وهل على من فعل ذلك من المسلمين وزرٌ، أم لا؟
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين، لا يتبع جنازته، وأما عيادته فلا بأس بها؛ فإنه قد يكون في ذلك مصلحة لتأليفه على الإسلام، فإذا مات كافراً فقد وجبت له النار، ولهذا لا يصلى عليه، والله أعلم. (الفتاوى الكبرى).
وقال الشيخ ابن عثيمين: زيارة النصراني أو غيره من الكفار إذا كان مريضاً وتسمى في الحقيقة عيادة لا زيارة لأن المريض يعاد مرة بعد أخرى فإذا كان في ذلك مصلحة كدعوته إلى الإسلام فهذا خير ويطلب من الإنسان أن يعوده وإن لم يكن فيها مصلحة فإن كان هناك سبب يقتضي ذلك مثل كونه قريباً أو جاراً أو ما أشبه ذلك فلا بأس أيضاً وإلا فالخير في ترك عيادته.