للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• اختلف أهل العلم فيمن توضأ ينوي تجديد الطهارة ناسياً حدثه، ثم تذكر أنه كان محدثاً: هل تصح طهارته؟ على قولين:

قيل: تصح.

وقيل: لا تصح.

لأنه لم ينوِ رفع الحدث.

قال ابن قدامة رحمه الله: وَإِنْ نَوَى تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا، فَهَلْ تَصِحُّ طَهَارَتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَا نَوَاهُ، وَلِلْخَبَرِ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ، وَالثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَلَا مَا تَضَمَّنَهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ.

وقال النووي رحمه الله: لَوْ تَوَضَّأَ احْتِيَاطًا، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا: فَهَلْ يُجْزِيهِ ذَلِكَ الْوُضُوءُ؟

فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ: أَصَحُّهُمَا لَا يُجْزِيهِ، لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ مُتَرَدِّدًا فِي النِّيَّةِ، إذ ليس هو جازما بِالْحَدَثِ، وَالتَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ فِي غَيْرِ الضَّرُورَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْزِيهِ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا، صَادَفَتْ الْحَدَثَ فَرَفَعَتْهُ، وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّل. (المجموع).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: رجل صلَّى الظُّهر بوُضُوء، ثم نقضه بعد الصَّلاة، ثم جدَّد الوُضُوء للعصر ناسياً أنه أحدث؛ فهذا يرتفع حدثُه؛ لأنه نوى تجديداً مسنوناً، ناسياً حدثَه، فإِذا كان ذاكراً لحدثه، فلا يرتفع؛ لأنَّه حينئذٍ يكون متلاعباً، فكيف ينوي التجديدَ وهو ليس على وُضُوء؛ لأن التَّجديد لا يكون إلا والإِنسان على طهارة. … (الشرح الممتع).

وقال الشيخ خالد المشيقح: إذا صلى بالوضوء الأول صلاة ثم بعد ذلك أحدث، ثم جاءت الصلاة الثانية، فقال: أجدد الوضوء، فتوضأ مجدداً للوضوء، ثم بعد ذلك تذكر أنه محدث، نقول: ارتفع حدثك الآن، لأن هذا التجديد مشروع.

• والنية محلها القلب، والتلفظ بها بدعة.

قال ابن القيم: النية هي القصد والعزم على فعل الشيء، ومحلها القلب لا تعلق لها باللسان أصلاً، ولذلك لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه التلفظ بالنية بحال، ولا سمعنا عنهم ذكر ذلك.

• قوله (رفع الحدث) خرج به طهارة الأنجاس، فلا يشترط لها النية، فلو علق إنسان ثوبه في السطح رجاء المطر حتى يغسله وزالت النجاسة طهُر، مع أنه ليس بفعله ولا نيته، وكذلك الأرض تصيبها النجاسة فينزل عليها ماء المطر فتطهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>