وقد ادعى الطحاوي النسخ، فقال: إنهم كانوا يمسحون عليها مثل مسح الرأس، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منعهم عن ذلك وأمرهم بالغسل، فهذا يدل على انتساخ ما كانوا يفعلونه من المسح.
قال العيني: وفيه نظر لأن قوله (نمسح على أرجلنا) يحتمل أن يكون معناه نغسل غسلاً خفيفاً مبقعاً حتى يرى كأنه مسح والدليل عليه ما في الرواية الأخرى (رأى قوماً توضؤا وكأنهم تركوا من أرجلهم شيئاً) فهذا يدل على أنهم كانوا يغسلون ولكن غسلاً قريباً من المسح، فلذلك قال لهم أسبغوا الوضوء، وأيضاً إنما يكون الوعيد على ترك الفرض، ولو لم يكن الغسل في الأول فرضاً عندهم لما توجه الوعيد، لأن المسح لو كان هو المشمول فيما بينهم كان يأمرهم بتركه وانتقالهم إلى الغسل بدون الوعيد، ولأجل ذلك قال القاضي عياض معناه: نغسل كما ذكرناه آنفاً، والصواب أن يقال إن أمر رسول الله بإسباغ الوضوء ووعيده وإنكاره عليهم في ذلك الغسل يدل على أن وظيفة الرجلين هو الغسل الوافي لا الغسل المشابه بالمسح كغسل هؤلاء.
وقال الشيخ ابن عثيمين: والرَّافضة يخالفون الحقَّ فيما يتعلَّق بطهارة الرِّجل من وجوه ثلاثة:
الأول: أنهم لا يغسلون الرِّجل، بل يمسحونها مسحاً.
الثاني: أنهم ينتهون بالتطهير عند العظم الناتئ في ظهر القدم فقط.
الثالث: أنهم لا يمسحون على الخُفين، ويرون أنه محرَّم، مع العلم أنَّ ممن روى المسحَ على الخُفين عليَّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- وهو عندهم إمام.
• وفي هذا الحديث وجوب استيعاب أعضاء الوضوء بالتطهير، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- توعد من لم يستوعب.
قال البغوي معناه: ويل لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها، وقيل: أراد أن الأعقاب تختص بالعذاب إذا قصر في غسلها.
قال الحافظ: وإنما خصت بالذكر لصورة السبب، فيلتحق بها ما في معناها من جميع الأعضاء التي قد يحصل التساهل في إسباغها.
وفيه أن من ترك جزءاً يسيراً مما يجب تطهيره لا تصح طهارته.
قال النووي: وهذا متفق عليه.
عن عمر -رضي الله عنه- أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال (ارجع فأحسن وضوءك فرجع ثم صلى). رواه مسلم