القول الثاني: جواز ذلك إذا خلا المجلس من المنكرات والبدع، ومن تجديد الحزن وإدامته، ومن تكلفة المؤنة على أهل الميت
وهو قول بعض الحنفية، وبعض المالكية، وبعض الحنابلة.
واختار هذا القول من العلماء المعاصرين: الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
أ-لحديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُول (التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ). رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث فيه الدلالة الواضحة على أنهم كانوا لا يرون في الاجتماع بأساً، سواء اجتماع أهل الميت، أو اجتماع غيرهم معهم.
ب- وعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَال (لمَّا مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ اجْتَمَعَنْ نِسْوَةُ بَنِي الْمُغِيرَةِ يَبْكِينَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لِعُمَرَ: أَرْسِلْ إلَيْهِنَّ فَانْهَهُنَّ، لَا يَبْلُغُك عَنْهُنَّ شَيْءٌ تَكْرَهُه، فَقَالَ عُمَر: وَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يُهْرِقْنَ مِنْ دُمُوعِهِنَّ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ، مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ، أَوْ لَقْلَقَة). رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح.
وَالنَّقْعُ: التُّرَابُ عَلَى الرَّأْسِ، وَاللَّقْلَقَةُ: الصَّوْتُ، أي ما لم يرفعن أصواتهن أو يضعن التراب على رؤوسهن.
وأجاب هؤلاء عن أثر جرير بن عبد الله بجوابين:
الأول: أن الراجح فيه أنه ضعيف.
فقد أعله الإمام أحمد، والدراقطني.
الثاني: على القول بصحته فالمقصود منه: الاجتماع الذي يكون فيه صنعٌ للطعام من أهل الميت لإكرام من يأتيهم ومن يجتمع عندهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute