وكان أبو الدرداء -رضي الله عنه- يصوم النهار ويقوم الليل، فلمّا زاره سلمان -رضي الله عنه- قال له سلمان: إن لربك عليك حقّا، ولنفسك عليك حقّا، ولأهلك عليك حقّا، فأعطِ كل ذي حق حقّه، فأتى أبو الدرداء النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صدق سلمان. رواه البخاري.
د-معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (يطعمني ربي ويسقيني):
اختلف العلماء في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (يطعمني ربي ويسقيني):
فقيل: هو على حقيقته.
وضعفه النووي، فقال: لو كان حقيقة لم يكن مواصلاً.
وضعفه ابن القيم، فقال: إنه غَلِطَ من قال: إنه كان يأكل ويشرب طعاماً وشراباً يتغذى به بدنه لوجوه:
أحدهما: أنه قال (أظل عند ربي يطعمني ويسقيني) ولو كان أكلاً وشراباً لم يكن وصالاً ولا صوماً.
الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرهم أنهم ليس كهيئتهم في الوصال، فإنهم إذا واصلوا تضرروا بذلك، وأما هو -صلى الله عليه وسلم- فإنه إذا واصل لا يتضرر بالوصال، فلوا كان يأكل ويشرب لكان الجواب: وأنا أيضاً لا أواصل، بل آكل وأشرب، كما تأكلون وتشربون فلما قررهم: إنك تواصل، ولم ينكر عليهم، دلّ على أنه كان مواصلاً وأنه لم يكن أكلاً وشراباً يفطر الصائم.
الثالث: أنه لو كان أكلاً وشراباً يفطر الصائم لم يصح الجواب بالفارق بينهم وبينه، فإنه حينئذٍ -صلى الله عليه وسلم- هو وهم مشتركون في عدم الوصال، فكيف يصح الجواب بقوله: لست كهيئتكم.