ومعنى كلامه: أنه كبر، وعجز عن المحافظة على ما التزمه، ووظّفه على نفسه عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فشق ذلك عليه فعله لعجزه، ولم يعجبه أن يتركه لالتزامه له ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يا عبد الله لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل، فتمنى أن لو قبِل الرخصة فأخذ بالأخف، ومع عجزه، وتمنّيه الأخذ بالرخصة لم يترك العمل بما التزمه، بل صار يتعاطى فيه نوع تخفيف، فقد ثبت عنه أنه كان حين ضعف وكبر يصوم تلك الأيام كذلك، يصل بعضها إلى بعض، ثم يفطر بعدد تلك الأيام، فيقوى بذلك، وكان يقول: لأن أكون قبلت الرخصة أحب إليّ مما عُدل به، لكنني فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره. [قاله في الفتح]
قال الشيخ ابن عثيمين: ونأخذ من هذا فائدة، وهي أن الإنسان ينبغي ألا يقيس نفسه في مستقبله على حاضره، فقد يكون الإنسان في أول العبادة نشيطاً يرى أنه قادر، ثم بعد ذلك يلحقه الملل، أو يلحقهُ ضعف وتعب، ثم يندم، لهذا ينبغي للإنسان أن يكون عمله قصداً، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- مرشداً أمته (اكلفوا من العمل ما تطيقون) أي: لا تكلفوا أنفسكم وقال: «استعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة والقصد القصد تبلغوا) وقال (إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى) والمنبت هو الذي يسير ليلاً ونهاراً، فالإنسان ينبغي له أن يقدر المستقبل، لا يقول أنا الآن نشيط سأحفظ القرآن والسنة، وزاد المستقنع وألفية ابن مالك كلها في أيام قليلة، فهذا لا يمكن، فأعط نفسك حقها، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل).