وجاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال (أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أَيْقَظَنِي بَعْضُ أَهْلِي فَنُسِّيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ).
والجمع: إما أنه يحمل على التعدد، أو يكون المعنى: أيقظني بعض أهلي فسمعت تلاحي الرجلين فقمت لأحجز بينهما فنسيتها للاشتغال بهما.
قوله (فرفعت) قال ابن كثير: أي رفع علم تعيينها لكم، لا أنها رفعت بالكلية من الوجود، لأنه قال بعد هذا: فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة.
وقوله (وعسى أن يكون خيراً) أي وإن كان عدم الرفع أزيد خيراً وأولى منه، لأنه متحقق فيه، لكن في الرفع خير مرجو لاستلزامه مزيد الثواب، لكونه سبباً لزيادة الاجتهاد في التماسها.
وقال ابن كثير: وعسى أن يكون خيراً: يعني عدم تعيينها لكم، فإنها إذا كانت مبهمة اجتهد طلابها في ابتغائها في جميع محالِّ رجائها فكان أكثر للعبادة، بخلاف ما إذا علموا عينها فإنها كانت الهمم تتقاصر على قيامها فقط. وإنما اقتضت الحكمة إبهامها لتعم العبادة جميع الشهر في ابتغائها، ويكون الاجتهاد في العشر الأخير أكثر ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده. [تفسير ابن كثير. ٤/ ٥٣٤]
قال القاضي عياض: فيه أن المخاصمة مذمومة، وأنها سبب في العقوبة المعنوية أي الحرمان.