للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: … والعشر الأواخر من رمضان تدخل من ليلة إحدى وعشرين وليس من فجر إحدى وعشرين.

أ-أنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان. متفق عليه، وهذا يدل على أنه كان يعتكف الليالي لا الأيام، لأن العشر تمييز لليالي، قال الله تعالى (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) والعشر الأواخر تبدأ من ليلة إحدى وعشرين.

٢ - قالوا: إن من أعظم ما يقصد من الاعتكاف التماس ليلة القدر، وليلة إحدى وعشرين من ليالي الوتر في العشر الأواخر فيحتمل أن تكون ليلة القدر، فينبغي أن يكون معتكفاً فيها.

قال ابن تيمية: لأنه لا يكون معتكفًا جميع العشر إلا باعتكاف أول ليلة منه، لا سيما وهي إحدى الليالي التي يلتمس فيها ليلة القدر.

وذهب بعض العلماء: إلى أنه يدخل من بعد صلاة الصبح من يوم إحدى وعشـ ٢١ ـرين.

قال ابن حجر: وهو قول الأوزاعي والليث والثوري.

ومال إليه الصنعاني.

لحديث عائشة قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى اَلْفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

قال الخطابي: وفيه من الفقه: أن المعتكف يبتدئ اعتكافه من أول النهار، ويدخل في معتكفه بعد أن يصلي الفجر.

وقال الصنعاني: فيه دليلٌ على أنّ أول وقت الاعتكاف بعد صلاة الفجر، وهو ظاهر في ذلك.

لكن الصحيح قول الجمهور.

والجواب عن حديث عائشة (إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى اَلْفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ) من وجهين:

الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان معتكفاً قبل غروب الشمس ولكنه لم يدخل المكان الخاص بالاعتكاف إلا بعد صلاة الفجر.

قال النووي: (إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِف صَلَّى الْفَجْر ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفه) اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُول: يَبْدَأ بِالاعْتِكَافِ مِنْ أَوَّل النَّهَار، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد: يَدْخُل فِيهِ قَبْل غُرُوب الشَّمْس إِذَا أَرَادَ اِعْتِكَاف شَهْر أَوْ اِعْتِكَاف عَشْر، وَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَف، وَانْقَطَعَ فِيهِ، وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْد صَلَاته الصُّبْح، لا أَنَّ ذَلِكَ وَقْت اِبْتِدَاء الاعْتِكَاف، بَلْ كَانَ مِنْ قَبْل الْمَغْرِب مُعْتَكِفًا لابِثًا فِي جُمْلَة الْمَسْجِد، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْح اِنْفَرَدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>