وقيل: ثم ذكر القول الثاني … ، ثم قال:
وقيل: لخروجها عن حكم غيرها بالإيذاء والإفساد وعدم الانتفاع.
ووقع في حديث أبي سعيد عند ابن ماجه: قيل له: لِمَ قيل للفأرة فويسقة؟ فقال: لأنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- استيقظ لها وقد أخذت الفتيلة لتحرق بها البيت.
فهذا يومئ إلى أنّ سبب تسمية الخمس بذلك لكون فعلها يشبه فعل الفسّاق، وهو يرجّح القول الأخير. (الفتح).
تنبيه: قوله (والغراب) هل الغراب يقتل مطلقاً أم هناك غراب معين؟
في الحديث السابق الإذن في قتل الغراب مطلقاً ولم يخص نوعاً فيها من نوع.
وجاء في صحيح مسلم عن عائشة أيضاً. قال -صلى الله عليه وسلم- (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم .... وذكر منها: والغراب الأبقع)، وكذلك في حديث ابن عمر.
فاختلف العلماء في ذلك.
فذهب بعض العلماء بحمل الأحاديث المطلقة في الإذن بقتل كل غراب على المقيدة بالغراب الأبقع.
وممن سلك هذا المسلك أبو حنيفة وصاحباه محمد بن الحسن وأبو يوسف والطحاوي، وحكاه ابن المنذر عن بعض أصحاب الحديث، وبه أخذ ابن خزيمة، وابن حجر، العيني.
وذهب بعض العلماء إلى تقديم الروايات المطلقة على المقيدة.
وممن سلك هذا المسلك ابن عبد البر، وابن قدامة.
قال ابن قدامة: الروايات المطلقة أصح.
واعتذر بعضهم بأن رواية (الأبقع) شاذة.
وذكر بعض العلماء أن التقييد بالأبقع أنه خرج مخرج الغالب فلا يختص الحكم به.
قال القرطبي: قوله (الغراب الأبقع) تقييد لمطلق الروايات الأخرى التي ليس فيها الأبقع، وبذلك قالت طائفة، فلا يجيزون إلا قتل الأبقع، وغير هذه الطائفة رأوا جواز قتل الأبقع وغيره من الغربان، ورأوا أن ذكر الأبقع إنما جرى لأنه الأغلب عندهم.