وقال النووي: لو قبل امرأة فأحس بانتقال المني ونزوله فأمسك ذكره فلم يخرج منه في الحال شيء، ولا علم خروجه بعد ذلك، فلا غسل عليه عندنا، وبه قال العلماء كافة إلا أحمد، فإنه قال - في أشهر الروايتين عنه - يجب الغسل، قال: ولا يتصور رجوع المني. دليلنا قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الماء من الماء) ولأن العلماء مجمعون على أن من أحس بالحدث كالقرقرة والريح، ولم يخرج منه شيء لا وضوء عليه، فكذا هنا. (المجموع).
(وإلتقاءُ الختانين).
هذا الموجب الثاني من موجبات الغسل وهو: الإيلاج في الفرج وإن لم ينزل.
لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:(إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ) متفق عليه.
وَلمسلم (وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ).
(بَيْنَ شُعَبِهَا اَلْأَرْبَعِ) أي: شعب المرأة الأربع، والمراد هنا: يداها ورجلاها، وهو كناية عن مكان الرجل من المرأة حال الجماع. (ثُمَّ جَهَدَهَا) أي: بلغ المشقة، والمعنى: بلغ جهده فيها، وذلك بإيلاج ذكره في فرجها. (فَقَدْ وَجَبَ اَلْغُسْلُ) أي: عليهما جميعاً.
فهذا الحديث دليل على أن الإيلاج (الجماع) يوجب الغسل وإن لم ينزل.
وهذا الحكم ذهب إليه الجمهور، بل حكاه بعضهم إجماعاً للصحابة، حكى ذلك النووي وابن العربي: أن الصحابة أجمعوا على وجوب الغسل من الإيلاج ولو لم ينزل لهذا الحديث الصحيح الصريح.
وقد كان فيه خلافاً لبعض الصحابة كأبي سعيد وزيد بن خالد ورافع بن خديج وداود الظاهري؛ أنه لا يجب الغسل إلا بالإنزال.