للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْجُمْهُور: هَذَا الْحَدِيث مَحْمُول عَلَى الِاسْتِحْبَاب وَالْأَفْضَل، وَتَقْدِيره يُسْتَحَبّ لَكُمْ أَلَّا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّة فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَجَذَعَة ضَأْن، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِمَنْعِ جَذَعَة الضَّأْن، وَأَنَّهَا لَا تُجْزِي بِحَالٍ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّة أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِره؛ لِأَنَّ الْجُمْهُور يُجَوِّزُونَ الْجَذَع مِنْ الضَّأْن مَعَ وُجُود غَيْره وَعَدَمه، وَابْن عُمَر وَالزُّهْرِيّ يَمْنَعَانِهِ مَعَ وُجُود غَيْره وَعَدَمه، فَتَعَيَّنَ تَأْوِيل الْحَدِيث عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاسْتِحْبَاب.

وَاللَّهُ أَعْلَم. (نووي).

وقال الحافظ في (التلخيص) ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن المسنة، والإجماع على خلافه، فيجب تأويله بأن يحمل على الأفضل، وتقديره: المستحب ألا يذبحوا إلا مسنة " انتهى.

وقال في "عون المعبود: هذا التَّأْوِيل هُوَ الْمُتَعَيِّن.

ويدل على جواز الجذع من الضأن ولو مع وجود الثنية:

أ-عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَسَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَصَارَتْ لِي جَذَعَةٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَارَتْ لِي جَذَعَةٌ، فَقَالَ: ضَحِّ بِهَا) متفق عليه.

ب-وعنه -صلى الله عليه وسلم- قال (ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- بِجِذَعٍ مِنْ الضَّأْن) أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، قَالَ الْحَافِظ سَنَده قَوِي.

ج- وعَنِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ (كُنَّا فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَ الأَضْحَى، فَجَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا يَشْتَرِي الْمُسِنَّةَ بِالْجَذَعَتَيْنِ، وَالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ لَنَا رَجُلٌ، مِنْ مُزَيْنَةَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَ هَذَا الْيَوْمُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَطْلُبُ الْمُسِنَّةَ بِالْجَذَعَتَيْنِ، وَالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ الْجَذَعَ يُوفِي مِمَّا يُوفِي مِنْهُ الثَّنِيُّ) رواه أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>