للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن قدامة: قلَ أَصْحَابُنَا: لَا تُسَنُّ الْفَرَعَةُ وَلَا الْعَتِيرَةُ.

وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ سِوَى ابْنِ سِيرِينَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَذْبَحُ الْعَتِيرَةَ فِي رَجَبٍ، وَيَرْوِي فِيهَا شَيْئًا.

ثم قال: وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْأَمْرِ بِهَا، فَيَكُونُ نَاسِخًا، وَدَلِيلُ تَأَخُّرِهِ أَمْرَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ رَاوِيَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ إسْلَامَهُ فِي سَنَةِ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَهِيَ السَّنَةُ السَّابِعَةُ مِنْ الْهِجْرَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَرَعَ وَالْعَتِيرَةَ كَانَ فِعْلُهُمَا أَمْرًا مُتَقَدِّمًا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُمْ عَلَيْهِ إلَى حِينِ نَسْخِهِ، وَاسْتِمْرَارُ النَّسْخِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لَهُ، وَلَوْ قَدَّرْنَا تَقَدُّمَ النَّهْيِ عَلَى الْأَمْرِ بِهَا، لَكَانَتْ قَدْ نُسِخَتْ ثُمَّ نُسِخَ نَاسِخُهَا، وَهَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ.

وقال ابن رجب: و العتيرة اختلف العلماء في حكمها في الإسلام، فالأكثرون على أن الإسلام أبطلها، وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (لا فرع ولا عتيرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>