وأجمع المسلمون على جوازه.
قال ابن قدامة: وأجمع المسلمون على جواز البيع في الجملة.
والحكمة تقتضيه: وذلك لأن مصالح الناس تحتاج إلى البيع، فقد يكون عند رجل دراهم وليس عنده لباس أو طعام، أو صاحب طعام ونحوه في حاجة إلى دراهم، فيتوصل كل منهم إلى مقصوده بواسطة البيع، وهذا من رحمة الله بعباده.
فائدة:
اختلف العلماء أي المكاسب أفضل، مع اتفاقهم على أن العمل كله فاضل إذا كان مشروعاً.
فمنهم من ذهب إلى أن أفضل المكاسب الزراعة.
ومنهم من رأى أن أفضلها كسب اليد أي الصناعة.
وذهب آخرون إلى تفضيل التجارة على غيرها.
وفريق آخر رأى أن أفضل المكاسب على الإطلاق ما يكتسب من أموال الكفار المحاربين عن طريق الجهاد في سبيل الله.
وقال الحافظ: أفضل ما يكسب من الأموال من الجهاد (أي الغنيمة) فهو مكسب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولما فيه من إعلاء كلمة الله.
ورجحه ابن القيم، وقال: والراجح أن أحلها الكسب الذي جعل منه رزق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو كسب الغانمين وما أبيح لهم على لسان
الشارع، وهذا الكسب قد جاء في القرآن مدحه أكثر من غيره، وأثني على أهله ما لم يثن على غيرهم، ولهذا اختاره الله لخير خلقه وخاتم أنبيائه ورسله، حيث يقول: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري) وهو الرزق المأخوذ بعزة وشرف وقهر لأعداء الله وجعل أحب شيء إلى الله فلا يقاومه كسب غيره. (زاد المعاد: ٥/ ٧٩٣).
وقال النووي: والصواب أن أطيب الكسب ما كان بعمل اليد، فإن كان زراعة فهو أطيب الكسب لما يشمل عليه من كونه عمل اليد، ولما فيه من التوكل، ولما فيه من النفع العام للآدمي والدواب، ولأنه لا بد فيه في العادة أن يؤكل منه بغير عوض.
وقد ورد في فضل العمل في التجارة حديث لكنه لم يثبت، وهو ما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال (تسعة أعشار الرزق في التجارة) وأما ورد في تفضيل العمل من كسب اليد (الصنائع) والتجارة:
فهو ما رواه رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ قَالَ: (عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ).