للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ) أي: متساويين، (وَلَا تُشِفُّوا) أي: لا تفضلوا ولا تزيدوا بعضها على بعض، (يَدًا بِيَدٍ) أي: متقابضين في مكان التبايع قبل أن يفترقا.

مثال:

ذهب بذهب (لا بد من شرطين: تقابض - مماثلة).

فضة بفضة (لا بد من شرطين: تقابض - مماثلة).

بر ببر (لا بد من شرطين: تقابض - مماثلة).

ولذلك: جاء في جَابِر بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ (نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ اَلصُّبْرَةِ مِنَ اَلتَّمْرِ لا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بِالْكَيْلِ اَلْمُسَمَّى مِنَ اَلتَّمْرِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(عَنْ بَيْعِ اَلصُّبْرَةِ) بضم الصاد المهملة، وسكون الموحدة، وهي الطعام المجتمع، كالكومة. (لا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا) أي: لا يعلم مقدار تلك الصبرة.

فهذا الحديث دليل على النهي عن بيع الصبرة من التمر - وهي الكومة - التي يعلم كيلها، بتمر آخر علم كيله.

قال الشوكاني: والحديث فيه دليل على أنه لا يجوز أن يباع جنس بجنسه وأحدهما مجهول المقدار. (نيل الأوطار)

لأن الصبرة يُجهل كيلها ومقدارها، فالتساوي غير معلوم، فيكون ربا، لأن بيع التمر بالتمر لابد من شرطين: التساوي، والتقابض كما تقدم، وهذا لا يتم إلا يتم إلا بمعرفة كل من العوضين.

وقال ابن قدامة: وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ جُزَافًا أَوْ كَانَ جُزَافًا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، لَمْ يَجُزْ.

وقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إذَا كَانَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ؛ وَذَلِكَ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ، لَا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا، بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ).

وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ) إلَى تَمَامِ الْحَدِيثِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا كَذَلِكَ، وَلِأَنَّ التَّمَاثُلَ شَرْطٌ، وَالْجَهْلُ بِهِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ، كَحَقِيقَةِ التَّفَاضُلِ. (المغني).

<<  <  ج: ص:  >  >>