للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجائحة إذاً: هي كل آفة لا صنع للآدمي فيها، فيدخل في ذلك المطر الشديد، والحر والبرد، والريح، والجراد، والغبار المفسد ونحو ذلك من الآفات السماوية.

مثالها: انسان باع على أخيه ثمر عنب فقدر انه جاء حر شديد فتلفت هذه العنب أو مطر مصحوباً ببرد فأتلفه.

أ- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَراً فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا. بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ?) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ب-وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ (أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَ بِوَضْعِ اَلْجَوَائِحِ).

(لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ) (من) بمعنى (على) (فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ) أي: أصابت ذلك الثمر آفة (فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا) أي: من أخيك، وهذا صريح في التحريم. (بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ) أي: في مقابلة الثمر الذي أصابته الجائحة.

ففي هذا الحديث: الأمر بوضع الجوائح، (أي أن تلف الثمار المبيعة بجائحة يكون من مال البائع)، وهذا قول أكثر العلماء.

قال ابن قدامة: ما تهلكه الجائحة من الثمار من ضمان البائع، وبهذا قال أكثر أهل المدينة، منهم: يحيي بن سعيد الأنصاري، ومالك، وأبو عبيد، وجماعة من أهل الحديث، وبه قال الشافعي في القديم.

قال الحافظ في الفتح: استُدل بهذا الحديث على وضع الجوائح في الثمر يُشترَى بعد بدو صلاحه، ثم تصيبه جائحة.

فهذا مذهب المالكية والحنابلة والشافعية في القديم.

أ- لقوله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل … ).

<<  <  ج: ص:  >  >>