للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال قلت لشخص: بعتك سيارتي بشرط أن ترهنني هذه الساعة، قال: قبلت (ولم يقبض المرتهن الساعة).

وعلى هذا القول: فإن للراهن أن يتصرف بالرهن (وهو الساعة كما في المثال السابق) بيعاً أو هبة لأنه لم يقبضه.

واستدلوا:

أ- بقوله تعالى (فرهان مقبوضة). وعلى هذا الرهان التي لم تقبض لا أثر لها ولا تنفع.

ب- وبحديث (الظهر يُركب بنفقته إذا كان مرهوناً … ) فالحديث ظاهر في صورة ما إذا قبض المرتهن الرهن.

وقالوا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- مات ودرعه مرهونة عند يهودي أقبضه إياه، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أقبض اليهودي الدرع، ولو لم يكن القبض شرطاً لما أقبضه إياه.

وذهب بعض العلماء: إلى أن القبض ليس شرطاً للزوم، بل يلزم الرهن بمجرد عقد الرهن.

وعلى هذا القول فلا يجوز للراهن أن يتصرف فيه، ولو تصرف فيه فإن تصرفه غير صحيح.

وهذا مذهب المالكية، وهو اختيار ابن تيمية رحمه الله.

أ-لعموم قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وعقد الرهن تام بالاتفاق فيجب الوفاء به.

ب-ولقوله تعالى (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً). والعقد عهد وقد تعاقدا على الرهن فيجب الوفاء به.

ج- ولحديث (المسلمون على شروطهم) وجه الاستدلال: أنه لما شرط عليه الرهن وقَبِل هذا الرهن فإنه يجب العمل بمقتضاه، ومقتضاه عدم التصرف فيه بغير إذن المرتهن.

د- ولقوله تعالى (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) وهذا دليل على أنه إذا حصل الائتمان لم يلزم القبض اكتفاء بالائتمان عليه، ولهذا أكد الله تعالى على المؤتمن أن يؤدي أمانته حيث أمره بالأداء وبتقوى الله.

فهذا المرتهن الذي شرط الرهن وتركه عند الراهن قد ائتمنه عليه وتركه عنده، وإذا كان قد ائتمنه عليه فإنه يجب الوفاء بما يقتضيه الرهن وهو أن يبقى عنده أمانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>