لأنه لو ذهب فاتته الصلاة ولا يمكنه تداركها، فإن كان ذلك في صلاة الظهر مثلا أحدث عند إقامة الصلاة وقال: إن ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة وإن تيممت أدركت الصلاة فهل يذهب يتوضأ أو يتيمم؟
يتوضأ.
والفرق بين هذا والجمعة، أن صلاة الظهر إذا فاتته أمكنه أن يتداركها بخلاف الجمعة.
قد يقول قائل: صلاة الجنازة أيضاً إذا فاتته أمكنه أن يصلي على القبر كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-. فنقول: نعم، هذا صحيح لكن لا سواء بين الصلاة على الميت وهو بين يديك وبين الصلاة على القبر ليس بينهما مساواة.
والأخذ بمذهب الجمهور في المسألتين أحوط؛ لأن التيمم إنما شرع عند فقد الماء أو العجز عن استعماله، والجنازة تفوت إلى بدل وهو الصلاة على القبر، والجمعة بدلها الظهر، ويعذر في ترك صلاة العيد.
مسألة: اختلف العلماء إذا خشي خروج الوقت لو توضأ، فهل يتيمم ليدرك الوقت؟ أو يتوضأ ولو صلى خارج الوقت؟
القول الأول: أنه يتيم ويصلي بالوقت.
مشهور مذهب مالك أنه يتيمم ويصلي للوقت.
والرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما أتى من نحو بئر جمل -كما في الحديث- وسلم عليه الرجل، فلم يرد عليه حتى تيمم ثم رد عليه السلام كره أن يرد عليه السلام بدون طهارة، فتيمم في الحضر مع وجود الماء، كي لا يفوته رد السلام، كذلك إذا خشي فوات الفريضة تيمم لإدراك الوقت ولو وجد الماء.
القول الثاني: يتوضأ ولا يتيمم ولو خرج الوقت بسبب وجود الماء.
وهذا قول الشافعية والحنابلة.
قال ابن قدامة: وإذا كان الماء موجوداً إلا أنه إذا اشتغل بتحصيله واستعماله فات الوقت، لم يُبح له التيمم سواء كان حاضراً أو مسافراً في قول أكثر أهل العلم، منهم الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي.
وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية وفصل المسألة فقال: يفرَّق بين النائم والناسي وبين غيرهما فإذا كان هذا التأخير حتى ضاق الوقت بسبب أنه كان نائماً أو ناسياً، فإنه يتوضأ ولو خرج الوقت لماذا؟ لأن الوقت في حقه من حين الاستيقاظ ليس في النوم تفريط و (من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها -أو فليصليها- إذا ذكرها) فهذا معذور، فبالتالي يقدم الوضوء بالماء حتى لو خرج الوقت، لأن هذا وقت في حقه، هذا هو أول الوقت في حقه أما إذا لم يكن نائماً ولا ناسياً، فإنه يتيمم لإدراك الوقت.