للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن قدامة: وَلَوْ وَطِئَ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ بِنْتَهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا، فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الْوَطْءَ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ.

وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ، وَعُرْوَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ (لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ) وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ لَا تَصِيرُ بِهِ الْمَوْطُوءَةُ فِرَاشًا، فَلَا يُحَرِّمُ كَوَطْءِ الصَّغِيرَةِ. (المغني).

والقول الثاني، الذي ذهب إليه المالكية والشافعية، قد رجحه جماعة من أهل التحقيق، منهم العلامة محمد الأمين الشنقيطي، قال رحمه الله: " الخلاف في هذه المسألة مشهور معروف، وأرجح القولين دليلاً فيما يظهر أن الزنى لا يحرُم به حلال.

وقال الشيخ ابن عثيمين: لو زنى رجل بامرأة فهل يحرم عليها أصله وفرعه، وهل يحرم عليه أصلها وفرعها؟

الجواب: لا يحرم، لأنه لا يدخل في الآية، قال تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ) قال (مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ) والزانية لا تدخل في هذا ومع هذا فمذهب الحنابلة أن الزنى كالنكاح، فإذا زنى بامرأة حرم عليه أصولها وفروعها، وحرم عليها أصوله وفروعه تحريماً مؤبداً، بل من غرائب العلم أن يجعل السفاح كالنكاح، بل من أغرب ما يكون، وهو من أضعف الأقوال والصواب أنه لا أثر في تحريم المصاهرة لغير عقد صحيح؛ وذلك لأن العقود إذا أطلقت في الشرع حملت على الصحيح، فالصواب في هذه المسألة أن كل ما كان طريقه محرماً فإنه لا أثر له في التحريم والمصاهرة. (الشرح الممتع).

<<  <  ج: ص:  >  >>