ففي هذه الأحاديث أن بول الغلام يكفي فيه النضح، وبول الجارية يغسل.
وهذا مذهب الشافعي وأحمد.
قال الشوكاني: وهو قول علي وعطاء والحسن والزهري وإسحاق.
فهذه الأحاديث فيها التفريق بين بول الغلام وبول الجارية، فالأحاديث السابقة بعضها يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنضح في بول الغلام، وبعضها فرق بصريح القول بين بول الغلام وبول الجارية.
فثبت بهذه الأحاديث أن حكمهما مختلف، فحكم بول الغلام النضح، وحكم بول الجارية الغسل.
وذهب بعض العلماء: إلى أنهما سواء في وجوب الغسل.
وهذا مذهب الحنفية والمالكية.
استدلوا بالعمومات التي جاءت في غسل البول.
أ-كحديث ابن عباس (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرّ بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه من
بوله … ).
ب-وحديث الأعرابي الذي بال في المسجد وقد سبق.
والراجح القول الأول وهو التفريق لصحة الأحاديث بذلك.
• وأما الجواب عن أدلة القول الثاني، فالجواب أن هذه الأدلة عامة، وأحاديث الباب خاصة، والخاص يقضي على العام.
قال الشوكاني: وأما الحنفية والمالكية فاستدلوا لما ذهبوا إليه بالقياس، فقالوا المراد بقوله (ولم يغسله) أي غسلاً مبالغاً فيه، وهو خلاف الظاهر، ويبعده ما ورد من الأحاديث في التفرقة بين بول الغلام والجارية.
قوله (بول) خرج به الغائط فلا بد من غسله.
وقوله (غلام) خرج به الجارية.
• وقوله (لم يأكل الطعام) اختلف العلماء في المراد بالطعام الذي لم يأكله:
فقيل: ما عدا اللبن فقط.
وقيل: لم يأكل شيئاً.
وقيل: المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرضعه، والتمر الذي يحنك به، والعسل الذي يلعقه للمداواة، ورجحه الحافظ ابن حجر. (الفتح).
قال ابن القيم رحمه الله: إنما يزول حكم النضح إذا أكل الطعام وأراده واشتهاه تغذياً به. (تحفة المودود).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: ليس المراد امتصاصه ما يوضع في فمه وابتلاعه، بل إذا كان يريد الطعام ويتناوله ويشرئب إليه (أي: يتطلع إليه ويطلبه)، أو يصيح أو يشير إليه، فهذا هو الذي يطلق عليه أنه يأكل الطعام.