قال ابن قدامة: والصحيح عندي طهارة سؤر البغل والحمار، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يركبها وتركب في زمنه، وفي عصر الصحابة، فلو كان نجساً لبين النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولأنهما مما لا يمكن التحرز منهما لمقتنيهما، فأشبها السنور.
وقال السعدي: والصحيح الذي لا ريب فيه أن البغل والحمار طاهران في الحياة كالهر، فيكون ريقهما وعرقهُمَا طاهران، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يركبهما كثيراً، ويركيان في زمنه، ولا يمكن المستعمل لهما التحرز من ذلك … ثم قال: وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الهرة (إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم) فعلل بكثرة طوافانها ومشقة التحرز منها، ومن المعلوم أن المشقة في الحمار والبغل أشد من ذلك.
• فقول بعض العلماء: أن الحكم منوط بالصِغَر، وأن الهرة وما دونها في الخِلقة طاهر، فلا وجه له، لعدم الدليل عليه.
• فائدة: قرن الحكم بالعلة ثلاثة:
أولاً: بيان أن الشريعة سامية عالية، فما تحكم بشيء إلا وله حكمه.
ثانياً: اقتناع النفوس بالحكم، لأن النفس إذا علمت علة الحكم اطمأنت، وإن كان المؤمن سيطمئن على كل حال لكن هذه زيادة طمأنينة.
ثالثاً: شمول الحكم بشمول هذه العلة، بمعنى أن ما ثبت فيه هذه العلة ثبت له هذا الحكم المعلل. [قاله الشيخ ابن عثيمين].
• بعض الأحكام الشرعية التي جاءت معللة:
نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لحوم الأهلية وقال (إنها رجس) متفق عليه.
ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتناجى اثنان دون الثالث وقال (من أجل أن ذلك يحزنه) متفق عليه.
باب الحيض
الحيص لغة: السيلان، يقال: حاض الوادي إذا سال.
وشرعاً: سيلان دم طبيعي يأتي المرأة في أوقات معلومة عند بلوغها.
وهو شيء كتبه الله على بنات آدم، كما قال -صلى الله عليه وسلم- (هذا شيء كتبه الله على بنات آدم).
خلقه الله لحكمة غذاء الولد وتربيته.