للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجه الدلالة: أن الآيات عامة تدل على وقوع الطلاق في أي وقت ممن له حق وقوعه، فلم يفرق بين أن يكون الطلاق في حال الحيض أو الطهر، ولم يخص حالاً دون حال توجب حمل الآيات على العموم.

ج- ولحديث ابن عمر لما طلق امرأته قال -صلى الله عليه وسلم-: ( … مره فليراجعها … ) فهذا دليل على أن الطلاق يقع، إذ لا تكون المراجعة إلا بعد الطلاق الذي يعتد به.

د- وروى البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: (حسبت علي تطليقة).

وفي رواية للدار قطني: (أن عمر قال: يا رسول الله، فيحسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم).

وعن نافع عن ابن عمر: (أنه طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر ذلك له فجعلها واحدة) رواه الدار قطني.

قال الحافظ في الفتح: وهو نص في موضع الخلاف، فيجب المصير إليه.

هـ- أن ابن عمر مذهبه الاعتداد بها، وهو صاحب القصة، وصاحب القصة أعلم.

قال النووي: أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى تَحْرِيم طَلَاق الْحَائِض الْحَائِل بِغَيْرِ رِضَاهَا فَلَوْ طَلَّقَهَا أَثِمَ وَوَقَعَ طَلَاقه وَيُؤْمَر بِالرَّجْعَةِ لِحَدِيثِ اِبْن عُمَر الْمَذْكُور فِي الْبَاب، وَشَذَّ بَعْض أَهْل الظَّاهِر، فَقَالَ: لَا يَقَع طَلَاقه لِأَنَّهُ غَيْر مَأْذُون لَهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ طَلَاق الْأَجْنَبِيَّة. وَالصَّوَاب الْأَوَّل، وَبِهِ قَالَ الْعُلَمَاء كَافَّة وَدَلِيلهمْ أَمْره بِمُرَاجَعَتِهَا وَلَوْ لَمْ يَقَع لَمْ تَكُنْ رَجْعَة. فَإِنْ قِيلَ الْمُرَاد بِالرَّجْعَةِ الرَّجْعَة اللُّغَوِيَّة وَهِيَ الرَّدّ إِلَى حَالهَا الْأَوَّل لَا أَنَّهُ تُحْسَب عَلَيْهِ طَلْقَة قُلْنَا هَذَا غَلَط لِوَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا أَنَّ حَمَلَ اللَّفْظ عَلَى الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة يُقَدَّم عَلَى حَمَلَهُ عَلَى الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة كَمَا تَقَرَّرَ فِي أُصُول الْفِقْه، الثَّانِي أَنَّ اِبْن عُمَر صَرَّحَ فِي رِوَايَات مُسْلِم وَغَيْره بِأَنَّهُ حَسَبَهَا عَلَيْهِ طَلْقَة وَاَللَّه أَعْلَم. (نووي).

<<  <  ج: ص:  >  >>