وتفسير القروء بالحيض مستقر معلوم مستفيض وأدلتهم في ذلك.
أ-أن الأصل الاعتداد بالحيض، فإن لم يكن فبالأشهر قال تعالى (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً).
والمبدل -الحيض- هو الذي يشترط عدمه لجواز إقامة البدل -الأشهر- مقامه، والمبدل هو الحيض فكان هو المراد من القرء.
قال ابن قدامة: فنقلهن عند عدم الحيض إلى الاعتداد بالأشهر، فدل ذلك على أن الأصل الحيض، كما قال تعالى (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً).
ب-ظاهر النص في قوله تعالى (والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ … ).
أن العدة ثلاثة، فمن جعل معنى القروء الطهر لم يوجب ثلاثة لأنه يحسب لها الطهر الذي طلقت فيه ولو بقي منه جزء يسير، وهذا يخالف ظاهر النص، ومن جعل معناه الحيض فاشترط له ثلاثة كاملة وهذا الموافق للنص.
ج-قوله -صلى الله عليه وسلم- (دعي الصلاة أيام أقرائك).
والصلاة لا تترك إلا في الحيض، لذلك استعمل لفظ القروء هنا بمعنى الحيض وهو أصل ما تنقضي به العدة، ولفظ القرء لم يستعمل في الشرع إلا للحيض، وحمله في الآية على ذلك متعين.
قال ابن قدامة: ولأن المعهود في لسان الشرع استعمال القرء بمعنى الحيض، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (تدع الصلاة أيام أقرائها).
وقال لفاطمة بنت أبي حبيش (انظري، فإذا أتى قرؤك، فلا تصلي، وإذا مر قرؤك، فتطهري، ثم صلي ما بين القرء إلى القرء). رواه النسائي