وقال القاضي: لا يختلف المذهب أن أصول الدية الإبل والذهب والورق والبقر والغنم، فهذه خمسة لا يختلف المذهب فيها.
وهذا قول عمر، وعطاء، وطاووس، وفقهاء المدينة السبعة.
لأن عمرو بن حزم روى في كتابه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى أهل اليمن (وأن في النفس المؤمنة مائة من الإبل، وعلى أهل الورق ألف دينار) رواه النسائي.
وروى ابن عباس. (أن رجلا من بني عدي قتل، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ديته اثني عشر ألفاً) رواه أبو داود، وابن ماجه.
وروى الشعبي، أن عمر جعل على أهل الذهب ألف دينار.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده أن عمر قام خطيباً، فقال: ألا إن الإبل قد غلت، فقوم على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاة ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة). رواه أبو داود
ثم قال ابن قدامة مرجحاً القول الأول:
أ- ولنا، قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (ألا إن في قتيل عمد الخطأ، قتيل السوط والعصا، مائة من الإبل).
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرق بين دية العمد والخطأ، فغلظ بعضها، وخفف بعضها، ولا يتحقق هذا في غير الإبل.
ج- ولأنه بدل متلف حقا لآدمي، فكان متعينا كعوض الأموال.
وحديث ابن عباس يحتمل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوجب الورق بدلا عن الإبل، والخلاف في كونها أصلاً.
وحديث عمرو بن شعيب يدل على أن الأصل الإبل، فإن إيجابه لهذه المذكورات على سبيل التقويم، لغلاء الإبل، ولو كانت أصولا بنفسها، لم يكن إيجابها تقويما للإبل، ولا كان لغلاء الإبل أثر في ذلك، ولا لذكره معنى.
وقد روي أنه كان يقوم الإبل قبل أن تغلو بثمانية آلاف درهم، ولذلك قيل: إن دية الذمي أربعة آلاف درهم، وديته نصف الدية، فكان ذلك أربعة آلاف حين كانت الدية ثمانية آلاف درهم.